بقلم: محمد كريم بوخصاص
" إن الحل القائم على الحكم الذاتي قابل للحياة ومؤهل للتطبيق " هذا ما اكدته وثيقة صادرة عن مجموعة عمل تضم شخصيات سياسية أمريكية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، نشرها معهد بونومارك للدراسات السياسية في جامعة أرليغتون، وبرنامج إدارة النزاعات في جامعة جون هوبكينر تحت إسم مشروع ورقة عن السياسة الأمريكية بشمال افريقيا. هذا التأكيد ينضاف إلى ما صرح به المبعوث الأممي الأسبق بيتر فان والسوم " يستحيل تطبيق قضية تقرير المصير أو قيام دولة صحراوية، وبالتالي فأحسن شيء هو الحكم الذاتي "، كما وجه أزيد من 230 عضوا في الكونغرس الأمريكي دعوة إلى الرئيس الأمريكي أوباما شهر أبريل من السنة الماضية نصحوه بدعم المقترح المغربي.
إن كل هذه التقارير والتصريحات الصادرة عن جهات أجنبية تثبت أن ما قدمه المغرب هو الحل الأمثل لفض النزاع المفتعل جنوب المملكة المغربية، المعروفة باسم الساقية الحمراء ووادي الذهب. وهذه القضية، هي من قضايا شعوب المنطقة كاملة، نظرا لما لها من انعكاسات بليغة على وحدتها واستقرارها، فقد جاء في نفس الوثيقة التي بدأنا بها " إنه بدون مقاربة مفهومة ومنهجية لتعزيز التكامل المغربي ستتزايد التهديدات للأمن والاستقرار في منطقة المغرب العربي ". وكانت دراسة صدرت عام 2008 عن معهد بيترسون الاقتصادية العالمية، أظهرت الفوائد التي يمكن أن يحققها التكامل الاقتصادي لبلدان المغرب العربي. لكن تعنت الجزائر وتدخلها السافر في مسألة الوحدة الترابية للمغرب كطرف رسمي بالرغم من الإعلانات المتتالية لمسؤوليها بحيادهم وغياب كل مصلحة لهم في النزاع، يساهم في تجزئة وتشرذم الأمة، مما يخدم سياسات التدخل في المنطقة واستنزاف خيراتها، وابتزاز دولها لصالح مشاريع التطبيع والتنصير التي أسفرت عن وجهها الجلي في الآونة الأخيرة.
ويمكن أن نستشف ذلك بجلاء بالرجوع إلى الرسالة التي بعثها سيد البيت الأبيض إلى جلالة الملك شهر يونيو الماضي، والتي تناول فيها موضوعين اثنين؛ هما التطبيع مع الكيان الصهيوني ومقترح المغرب بشأن مشروع الحكم الذاتي، حيث خصص ثمان فقرات من أصل عشر فقرات في الرسالة لموضوع التطبيع، الأمر الذي اعتبره المراقبون أداة ضغط على الدولة من أجل المسارعة إلى تطبيع العلاقة مع الصهاينة، حتى يلقى المغرب دعما أمريكيا في ملف الوحدة الترابية.
ما ينبغي على المغرب في ظل تعنت الأطراف الأخرى، ورفضها الجلوس على طاولة المفاوضات بشكل رسمي منذ سنتين، هو أن يستمر في حشد مزيد من الدعم الدولي من خلال استغلال كل الإمكانيات الموجودة، بتأهيل الدبلوماسية الرسمية عبر إشراك الفعاليات الحزبية والمدنية والشعبية، أي باللجوء إلى تفعيل الآلية الديمقراطية التشاركية بما يروم دعم الدبلوماسية الموازية، واستغلال الآلية الإعلامية للقيام بدبلوماسية هجومية بدل الاقتصار على الدبلوماسية الدفاعية التي تكتفي برد الفعل بدل إنتاجه.
إذ يمكن للفاعل الحزبي والمدني والجامعي والشعبي أن يلعب دورا كبيرا ومهما في دعم المقترح المغربي والضغط على الانفصاليين، ومن منا لا يتذكر المجهودات التي بذلتها الشبيبات الحزبية المغربية التي شاركت في المؤتمر السابع عشر للفيدرالية العالمية للشباب الديمقراطي، المنعقد فيما بين 9 و14 مارس 2007 ، بالعاصمة الفيتنامية هانوي، إذ منعت تضمن البيان الختامي للمؤتمر " المغرب بلد محتل " التي تقدمت به جبهة البوليساريو مدعومة من طرف الجزائر، بل عمدت إلى توقيف أشغال المؤتمر للحظات عديدة.
كما يجدر بالدولة أن تتحرك بحزم ضد انفصاليي الداخل، حتى لا يتكرر سيناريو مشابه لما حصل مع الانفصالية أمينتو حيدر التي نزعت جنسيتها، فالقانون واضح في هذا المضمار ليس في المغرب فقط، بل في جل الدول المعاصرة، فمن ينتزع جنسية بلده بمحض إرادته، يكون متخليا و بشكل آلي عن كل الحقوق والواجبات المفروضة عليه بموجب تلك الجنسية، ليس من حقه أن يطالب بشيء منها تحت أي مبرر كان، بغض النظر عن الطرف الخارجي والداخلي الداعم له. فالمشكل الذي يطرح عادة في مثل هذه القضايا هو التعامل الانتقائي للقوى الكبرى في ملف الصحراء، فحينما يتعلق الأمر بانفصاليي الباسك أو الكورس يطبق القانون بحزم دون حاجة إلى التدرع بأية أسباب، أما حينما يتعلق الأمر بدولة عربية وإسلامية تكون مؤامرة الاستمرار في إشعال المشاكل داخلها وتمزيق كيانها والتآمر على وحدتها بمسوغات سياسية وإنسانية وحقوقية حاضرة بقوة، إن لم يكن بمسوغ التدخل المباشر في الشؤون الداخلية والإجهاز على سيادة الدول.ما على الجارة الجزائر ان تفهم، هو أن حل ملف الصحراء يخدم مصلحتها ومصلحة المنطقة كاملة، فمثل هذه الصراعات يكون الجميع فيها خاسرا ومتضررا، فلن يكون متضرر ومستفيد وإلا فماذا استفاد النظام الجزائري بتبنيه واحتضانه للمشروع الانفصالي، سوى خلق أجواء التوتر وتعطيل مشروع اتحاد المغرب العربي، وغيره من مشاريع التعاون التي تجلب التقدم للبلدين، مع العلم أنه يعيش على وقع غليان منذ عدة سنوات في منطقة تيزي أوزو (عاصمة القبايل ) والفجايات التي تطالب بالاستقلال، حيث أنه في منتصف شهر يناير الماضي خرج حوالي 15 ألف متظاهر يطالبون بالاستقلال، حتى تدخل الأمن بعنف واعتقل العشرات، في مجزرة أخرى تنضاف لسلسلة المجازر التي ذهب ضحيتها مئات القتلى خاصة خلال ما يعرف بشهداء الربيع الأسود عام 2001
" إن الحل القائم على الحكم الذاتي قابل للحياة ومؤهل للتطبيق " هذا ما اكدته وثيقة صادرة عن مجموعة عمل تضم شخصيات سياسية أمريكية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، نشرها معهد بونومارك للدراسات السياسية في جامعة أرليغتون، وبرنامج إدارة النزاعات في جامعة جون هوبكينر تحت إسم مشروع ورقة عن السياسة الأمريكية بشمال افريقيا. هذا التأكيد ينضاف إلى ما صرح به المبعوث الأممي الأسبق بيتر فان والسوم " يستحيل تطبيق قضية تقرير المصير أو قيام دولة صحراوية، وبالتالي فأحسن شيء هو الحكم الذاتي "، كما وجه أزيد من 230 عضوا في الكونغرس الأمريكي دعوة إلى الرئيس الأمريكي أوباما شهر أبريل من السنة الماضية نصحوه بدعم المقترح المغربي.
إن كل هذه التقارير والتصريحات الصادرة عن جهات أجنبية تثبت أن ما قدمه المغرب هو الحل الأمثل لفض النزاع المفتعل جنوب المملكة المغربية، المعروفة باسم الساقية الحمراء ووادي الذهب. وهذه القضية، هي من قضايا شعوب المنطقة كاملة، نظرا لما لها من انعكاسات بليغة على وحدتها واستقرارها، فقد جاء في نفس الوثيقة التي بدأنا بها " إنه بدون مقاربة مفهومة ومنهجية لتعزيز التكامل المغربي ستتزايد التهديدات للأمن والاستقرار في منطقة المغرب العربي ". وكانت دراسة صدرت عام 2008 عن معهد بيترسون الاقتصادية العالمية، أظهرت الفوائد التي يمكن أن يحققها التكامل الاقتصادي لبلدان المغرب العربي. لكن تعنت الجزائر وتدخلها السافر في مسألة الوحدة الترابية للمغرب كطرف رسمي بالرغم من الإعلانات المتتالية لمسؤوليها بحيادهم وغياب كل مصلحة لهم في النزاع، يساهم في تجزئة وتشرذم الأمة، مما يخدم سياسات التدخل في المنطقة واستنزاف خيراتها، وابتزاز دولها لصالح مشاريع التطبيع والتنصير التي أسفرت عن وجهها الجلي في الآونة الأخيرة.
ويمكن أن نستشف ذلك بجلاء بالرجوع إلى الرسالة التي بعثها سيد البيت الأبيض إلى جلالة الملك شهر يونيو الماضي، والتي تناول فيها موضوعين اثنين؛ هما التطبيع مع الكيان الصهيوني ومقترح المغرب بشأن مشروع الحكم الذاتي، حيث خصص ثمان فقرات من أصل عشر فقرات في الرسالة لموضوع التطبيع، الأمر الذي اعتبره المراقبون أداة ضغط على الدولة من أجل المسارعة إلى تطبيع العلاقة مع الصهاينة، حتى يلقى المغرب دعما أمريكيا في ملف الوحدة الترابية.
ما ينبغي على المغرب في ظل تعنت الأطراف الأخرى، ورفضها الجلوس على طاولة المفاوضات بشكل رسمي منذ سنتين، هو أن يستمر في حشد مزيد من الدعم الدولي من خلال استغلال كل الإمكانيات الموجودة، بتأهيل الدبلوماسية الرسمية عبر إشراك الفعاليات الحزبية والمدنية والشعبية، أي باللجوء إلى تفعيل الآلية الديمقراطية التشاركية بما يروم دعم الدبلوماسية الموازية، واستغلال الآلية الإعلامية للقيام بدبلوماسية هجومية بدل الاقتصار على الدبلوماسية الدفاعية التي تكتفي برد الفعل بدل إنتاجه.
إذ يمكن للفاعل الحزبي والمدني والجامعي والشعبي أن يلعب دورا كبيرا ومهما في دعم المقترح المغربي والضغط على الانفصاليين، ومن منا لا يتذكر المجهودات التي بذلتها الشبيبات الحزبية المغربية التي شاركت في المؤتمر السابع عشر للفيدرالية العالمية للشباب الديمقراطي، المنعقد فيما بين 9 و14 مارس 2007 ، بالعاصمة الفيتنامية هانوي، إذ منعت تضمن البيان الختامي للمؤتمر " المغرب بلد محتل " التي تقدمت به جبهة البوليساريو مدعومة من طرف الجزائر، بل عمدت إلى توقيف أشغال المؤتمر للحظات عديدة.
كما يجدر بالدولة أن تتحرك بحزم ضد انفصاليي الداخل، حتى لا يتكرر سيناريو مشابه لما حصل مع الانفصالية أمينتو حيدر التي نزعت جنسيتها، فالقانون واضح في هذا المضمار ليس في المغرب فقط، بل في جل الدول المعاصرة، فمن ينتزع جنسية بلده بمحض إرادته، يكون متخليا و بشكل آلي عن كل الحقوق والواجبات المفروضة عليه بموجب تلك الجنسية، ليس من حقه أن يطالب بشيء منها تحت أي مبرر كان، بغض النظر عن الطرف الخارجي والداخلي الداعم له. فالمشكل الذي يطرح عادة في مثل هذه القضايا هو التعامل الانتقائي للقوى الكبرى في ملف الصحراء، فحينما يتعلق الأمر بانفصاليي الباسك أو الكورس يطبق القانون بحزم دون حاجة إلى التدرع بأية أسباب، أما حينما يتعلق الأمر بدولة عربية وإسلامية تكون مؤامرة الاستمرار في إشعال المشاكل داخلها وتمزيق كيانها والتآمر على وحدتها بمسوغات سياسية وإنسانية وحقوقية حاضرة بقوة، إن لم يكن بمسوغ التدخل المباشر في الشؤون الداخلية والإجهاز على سيادة الدول.ما على الجارة الجزائر ان تفهم، هو أن حل ملف الصحراء يخدم مصلحتها ومصلحة المنطقة كاملة، فمثل هذه الصراعات يكون الجميع فيها خاسرا ومتضررا، فلن يكون متضرر ومستفيد وإلا فماذا استفاد النظام الجزائري بتبنيه واحتضانه للمشروع الانفصالي، سوى خلق أجواء التوتر وتعطيل مشروع اتحاد المغرب العربي، وغيره من مشاريع التعاون التي تجلب التقدم للبلدين، مع العلم أنه يعيش على وقع غليان منذ عدة سنوات في منطقة تيزي أوزو (عاصمة القبايل ) والفجايات التي تطالب بالاستقلال، حيث أنه في منتصف شهر يناير الماضي خرج حوالي 15 ألف متظاهر يطالبون بالاستقلال، حتى تدخل الأمن بعنف واعتقل العشرات، في مجزرة أخرى تنضاف لسلسلة المجازر التي ذهب ضحيتها مئات القتلى خاصة خلال ما يعرف بشهداء الربيع الأسود عام 2001
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق